الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
والألفاظ في السورة بجرسها وبمعانيها وباجتماعها في التركيب، وبدلالة التركيب كله.. تشترك في إطلاق هذا الجو وتصويره. فهو يبدأ فيلقيها كلمة مفردة، لا خبر لها في ظاهر اللفظ: {الحاقة}.. ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام لماهية هذا الحدث العظيم: {ما الحاقة}.. ثم يزيد هذا الاستهوال والاستعظام بالتجهيل، وإخراج المسألة عن حدود العلم والإدراك: {وما أدراك ما الحاقة}.. ثم يسكت فلا يجيب على هذا السؤال. ويدعك واقفاً أمام هذا الأمر المستهول المستعظم، الذي لا تدريه، ولا يتأتى لك أن تدريه! لأنه أعظم من أن يحيط به العلم والإدراك!ويبدأ الحديث عن المكذبين به، وما نالهم من الهول، وما أخذوا به من القصم، فذلك الأمر جدُّ لا يحتمل التكذيب، ولا يذهب ناجياً من يصر فيه على التكذيب:{كذبت ثمود وعاد بالقارعة.فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية}.وهذا اسم جديد للحاقة. إنها فوق أنها تحق.. فهي تقرع.. والقرع ضرب الشيء الصلب والنقر عليه بشيء مثله. والقارعة تقرع القلوب بالهول والرعب، وتقرع الكون بالدمار والحطم. وها هي ذي بجرسها تقعقع وتقرقع، وتقرع وتفزع.. وقد كذبت بها ثمود وعاد. فلننظر كيف كان عاقبة التكذيب..{فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية}..وثمود كما جاء في مواضع أخرى كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام. وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع. أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها.. {بالطاغية}.. لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة. ولأن إيقاع اللفظ يتفق مع إيقاع الفاصلة في هذا المقطع منها. ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طياً، وتغمرهم غمراً، وتعصف بهم عصفاً، وتغطى عليهم فلا تبقي لهم ظلا!وأما عاد فيفصل في أمر نكبتها ويطيل، فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوماً. على حين كانت وقعة ثمود خاطفة.. صيحة واحدة. طاغية.. {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية}.. والريح الصرصر الشديدة الباردة. واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح. وزاد شدتها بوصفها {عاتية}.. لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكيّ في القرآن، وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت. وكانوا أشداء بطاشين جبارين. هذه الريح الصرصر العاتية: {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً}.. والحسوم القاطعة المستمرة في القطع. والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: {سبع ليال وثمانية أيام}. ثم يعرض المشهد بعدها شاخصاً: {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية}.. فترى.. فالمنظر معروض تراه، والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه! {صرعى}.. مصروعين مجدلين متناثرين {كأنهم أعجاز نخل} بأصولها وجذوعها {خاوية} فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة! إنه مشهد حاضر شاخص. مشهد ساكن كئيب بعد العاصفة المزمجرة المدمرة.. {فهل ترى لهم من باقية}.. لا! فليس لهم من باقية!!!ذلك شأن عاد وثمود.. وهو شأن غيرهما من المكذبين. وفي آيتين اثنتين يجمل وقائع شتى:{وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية}..وفرعون كان في مصر وهو فرعون موسى ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل. والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت، فاللفظ يعني هذا وهذا. ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعاً، فيقول عنهم انهم جاءوا {بالخاطئة} أي بالفعلة الخاطئة.. من الخطيئة.. {فعصوا رسول ربهم}.. وهم عصوا رسلاً متعددين؛ ولكن حقيقتهم واحدة، ورسالتهم في صميمها واحدة.فهم إذن رسول واحد. يمثل حقيقة واحدة وذلك من بدائع الإشارات القرآنية الموحية وفي إجمال يذكر مصيرهم في تعبير يلقي الهول والحسم حسب جو السورة: {فأخذهم أخذة رابية}.. والرابية العالية الغامرة الطامرة. لتناسب {الطاغية} التي أخذت ثمود {والعاتية} التي أخذت عاداً، وتناسب جو الهول والرعب في السياق بدون تفصيل ولا تطويل!ثم يرسم مشهد الطوفان والسفينة الجارية، مشيراً بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حين كذبوا. وممتناً على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها، ثم لم يشكروا ولم يعتبروا بتلك الآية الكبرى:{إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية}..ومشهد طغيان الماء ومشهد الجارية على الماء الطاغي، كلاهما يتناسق مع مشاهد السورة وظلالها. وجرس الجارية وواعية يتمشى كذلك مع إيقاع القافية. وهذه اللمسة {لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية} تلمس القلوب الخامدة والآذان البليدة، التي تكذب بعد كل ما سبق من النذر وكل ما سبق من المصائر، وكل ما سبق من الآيات، وكل ما سبق من العظات، وكل ما سبق من آلاء الله ونعمه على أصول هؤلاء الغافلين!وكل هذه المشاهد المروعة الهائلة القاصمة الحاسمة تبدو ضئيلة صغيرة إلى جانب الهول الأكبر. هول الحاقة والقارعة التي يكذب بها المكذبون، وقد شهدوا مصارع المكذبين..إن الهول في هذه المصارع على ضخامتها محدود إذا قيس إلى هول القارعة المطلق من الحدود المدخر لذلك اليوم المشهود. وهنا بعد هذا التمهيد يكمل العرض، ويكشف عن الهول كأنه التكملة المدخرة للمشاهد الأولى:{فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السمآء فهي يومئذ واهية والملك على أرجآئهآ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}..ونحن نؤمن أن هناك نفخة في الصور وهو البوق تحدث بعدها هذه الأحداث. ولا نزيد في تفصيلها شيئاً. لأنها غيب. ليس عندنا من دلائله إلا مثل هذه النصوص المجملة؛ وليس لنا مصدر آخر لتفصيل هذا الإجمال. والتفصيل لا يزيد في حكمة النص شيئاً، والجري وراءه عبث لا طائل تحته، إلا اتباع الظن المنهيّ عنه أصلاً.فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة، فتبع هذه النفخة تلك الحركة الهائلة: {وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة}.. ومشهد حمل الأرض والجبال ونفضها ودكها دكة واحدة تسوي عاليها بسافلها.. مشهد مروع حقاً. هذه الأرض التي يجوس الإنسان خلالها آمناً مطمئناً، وهي تحته مستقرة مطمئنة. وهذه الجبال الراسية الوطيدة الراسخة التي تهول الإنسان بروعتها واستقرارها.. هذه مع هذه تحمل فتدك كالكرة في يد الوليد.. إنه مشهد يشعر معه الإنسان بضآلته وضآلة عالمه إلى جانب هذه القدرة القادرة، في ذلك اليوم العظيم.فإذا وقع هذا. إذا نفخ في الصور نفخة واحدة، وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة.. فهو حينئذ الأمر الذي تتحدث عنه السورة: {فيومئذ وقعت الواقعة}.. والواقعة اسم من أسمائها كالحاقة والقارعة. فهي الواقعة لأنها لابد واقعة. كأن طبيعتها وحقيقتها الدائمة أن تكون واقعة! وهو اسم ذو إيحاء معين وهو إيحاء مقصود في صدد الارتياب فيها والتكذيب!ولا يقتصر الهول على حمل الأرض والجبال ودكها دكة واحدة، فالسماء في هذا اليوم الهائل ليست بناجية:{وانشقت السماء فهي يومئذ واهية}..ونحن لا ندري على وجه التحقيق ما السماء المقصودة بهذا اللفظ في القرآن. ولكن هذا النص والنصوص الأخرى التي تشير إلى الأحداث الكونية في ذلك اليوم العظيم كلها تشير إلى انفراط عقد هذا الكون المنظور، واختلال روابطه وضوابطه التي تمسك به في هذا النظام البديع الدقيق، وتناثر أجزائه بعد انفلاتها من قيد الناموس..ولعله من المصادفات الغريبة أن يتنبأ الآن علماء الفلك بشيء يشبه هذا تكون فيه نهاية العالم، استنباطاً من ملاحظتهم العلمية البحتة، وحسب القليل الذي عرفوه من طبيعة هذا الكون وقصته كا افترضوها..فأما نحن فنكاد نشهد هذه المشاهد المذهلة، من خلال النصوص القرآنية الجازمة؛ وهي نصوص مجملة توحي بشيء عام؛ ونحن نقف عند إيحاء هذه النصوص، فهي عندنا الخبر الوحيد المستيقن عن هذا الشأن، لأنها صادرة من صاحب الشأن، الذي خلق، والذي يعلم ما خلق علم اليقين. نكاد نشهد الأرض وهي تحمل بجبالها بكتلتها هذه، الضخمة بالقياس إلينا، الصغيرة كالهباءة بالقياس إلى الكون، فتدك دكة واحدة؛ ونكاد نشهد السماء وهي مشققة واهية والكواكب وهي متناثرة منكدرة.. كل ذلك من خلال النصوص القرآنية الحية، المشخصة المشاهد بكامل قوتها كأنها حاضرة..ثم يغمر الجلال المشهد ويغشيه، وتسكن الضجة التي تملأ الحس من النفخة والدكة والتشقق والانتثار. يسكن هذا كله ويظهر في المشهد عرش الواحد القهار:{والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}..والملائكة على أرجاء هذه السماء المنشقة وأطرافها، والعرش فوقهم يحمله ثمانية.. ثمانية أملاك أو ثمانية صفوف منهم، أو ثمانية طبقات من طبقاتهم، أو ثمانية مما يعلم الله. لا ندري نحن من هم ولا ما هم. كما لا ندري نحن ما العرش؟ ولا كيف يحمل؟ ونخلص من كل هذه الغيبيات التي لا علم لنا بها، ولم يكلفنا الله من علمها إلا ما قص علينا. نخلص من مفردات هذه الغيبيات إلى الظل الجليل الذي تخلعه على الموقف. وهو المطلوب منا أن تستشعره ضمائرنا. وهو المقصود من ذكر هذه الأحداث ليشعر القلب البشري بالجلال والرهبة والخشوع، في ذلك اليوم العظيم، وفي ذلك الموقف الجليل:{يؤمئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}.فالكل مكشوف. مكشوف الجسد، مكشوف النفس، مكشوف الضمير، مكشوف العمل، مكشوف المصير. وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار، وتتعرى النفوس تعري الأجساد، وتبرز الغيوب بروز الشهود.. ويتجرد الإنسان من حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره، ويفتضح منه ما كان حريصاً على أن يستره حتى عن نفسه! وما أقسى الفضيحة على الملأ. وما أخزاها على عيون الجموع! أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن. ولكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور، وهو مخدوع بستور الأرض. فها هو ذا يشعر به كاملاً وهو مجرد في يوم القيامة. وكل شيء بارز في الكون كله. الأرض مدكوكة مسواة لا تحجب شيئاً وراء نتوء ولا بروز. والسماء متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئاً، والأجسام معراة لا يسترها شيء، والنفوس كذلك مكشوفة ليس من دونها ستر وليس فيها سر!ألا إنه لأمر عصيب. أعصب من دك الأرض والجبال، وأشد من تشقق السماء! وقوف الإنسان عريان الجسد، عريان النفس، عريان المشاعر، عريان التاريخ، عريان العمل ما ظهر منه وما استتر. أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله، من الإنس والجن والملائكة، وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع..وإن طبيعة الإنسان لمعقدة شديدة التعقيد؛ ففي نفسه منحنيات شتى ودروب، تتخفى فيها نفسه وتتدسس بمشاعرها ونزواتها وهفواتها وخواطرها وأسرارها وخصوصياتها. وان الإنسان ليصنع أشد مما تصنعه القوقعة الرخوة الهلامية حين تتعرض لوخزة إبرة، فتنطوي سريعاً، وتنكمش داخل القوقعة، وتغلق على نفسها تماماً. إن الإنسان ليصنع أشد من هذا حين يحس أن عيناً تدسست عليه فكشفت منه شيئاً مما يخفيه، وأن لمحة أصابت منه درباً خفياً أو منحنى سرياً! ويشعر بقدر عنيف من الألم الواخز حين يطلع عليه أحد في خلوة من خلواته الشعورية..فكيف بهذا المخلوق وهو عريان. عريان حقاً. عريان الجسد والقلب والشعور والنية والضمير. عريان من كل ساتر. عريان.. كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار، وأمام الحشد الزاخر بلا ستار؟!ألا إنه لأمر، أمرُّ من كل أمر!!!وبعدئذ يعرض مشهد الناجين والمعذبين، كأنه حاضر تراه العيون..{فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرأوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئاً بمآ أسلفتم في الأيام الخالية}.وأخذ الكتاب باليمين وبالشمال ومن وراء الظهر قد يكون حقيقة مادية، وقد يكون تمثيلاً لغوياً جارياً على اصطلاحات اللغة العربية من تعبيرهم عن وجهة الخير باليمين ووجهة الشر بالشمال أو من وراء الظهر.. وسواء كان هذا أو ذاك فالمدلول واحد، وهو لا يستدعي جدلاً يضيع فيه جلال الموقف!والمشهد المعروض هو مشهد الناجي في ذلك اليوم العصيب، وهو ينطلق في فرحة غامرة، بين الجموع الحاشدة، تملأ الفرحة جوانحه، وتغلبه على لسانه، فيهتف: {هاؤم اقرأوا كتابيه}.ثم يذكر في بهجة أنه لم يكن يصدق أنه ناج، بل كان يتوقع أن يناقش الحساب.. ومن نوقش الحساب عذب كما جاء في الأثر: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نوقش الحساب عذب» فقلت: أليس يقول الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً} فقال: «إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك».وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا بشر بن مطر الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم، عن الأحول، عن أبي عثمان، قال: المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله، فيقرأ سيئاته، فكلما قرأ سيئة تغير لونه، حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات. قال: فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه}.وروى عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سيئاته في ظهر صحيفته، فيقول له: أنت عملت هذا؟ فيقول: نعم أي رب! فيقول له: إني لم أفضحك به، وإني قد غفرت لك. فيقول عند ذلك: {هاؤم اقرأوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه}.وفي الصحيح من حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدني الله العبد يوم القيامة، فيقرره بذنوبه كلها، حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين».ثم يعلن على رؤوس الأشهاد ما أعد لهذا الناجي من النعيم، الذي تبدو فيه هنا ألوان من النعيم الحسي، تناسب حال المخاطبين إذ ذاك، وهم حديثو عهد بجاهلية، ولم يسر من آمن منهم شوطاً طويلاً في الإيمان، ينطبع به حسه، ويعرف به من النعيم ما هو أرق وأعلى من كل متاع:{فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا وشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية}..وهذا اللون من النعيم، مع هذا اللون من التكريم في الالتفات إلى أهله بالخطاب وقوله: {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية}.. فوق أنه اللون الذي تبلغ إليه مدارك المخاطبين بالقرآن في أول العهد بالصلة بالله، قبل أن تسمو المشاعر فترى في القرب من الله ما هو أعجب من كل متاع.
|